يحكى إن أحدهم سأل صديقه: (شنو أخبار الوالد ؟). ثم تذكَّرَ أن والد صديقه ميت منذ زمن بعيد، فاستدرك بسرعة, قائلا: (بعده بنفس المقبرة ؟). .
لا ادري ما الذي دعاني إلى ترديد هذه النكتة إثناء مراجعتي للمقالة التحليلية, التي كتبها الأستاذ وسام الشالجي, ونشرتها (الزمان) بعددها 3232 , تعقيبا على موضوعي المنشور في الجريدة نفسها بعنوان (وأد الكفاءات). فقد وضع الشالجي يده على موضع الألم, وشخصَّ سبب الداء, وحدد مصدر العلة, التي أصابت مجتمعاتنا بعاهات مستديمة, وأقعدتها في تجاويف الكهوف والمقابر, فتخلفت عن بقية الأمم, ونامت نومة اللحود.
لقد أصاب الأستاذ الشالجي كبد الحقيقة المؤلمة. عندما خلص إلى: إنّ الحكومات ليست هي السبب دائما في وأد الكفاءات. فقد ساهمت الأمراض الاجتماعية الشائعة كالجهل, والتخلف, والأمية في إقصاء أصحاب المهارات العالية واستبعادهم, وربما اشتركت معها نوازع النفوس الأمّارة بالسوء, كالطمع والجشع والغيرة والحسد, وغيرها من إفرازات التكتلات القبلية والمذهبية, والولاءات الحزبية المتطرفة. وشر البلية ما يضحك. لأننا, وعلى الرغم من كل التجارب القاسية, التي مرت بنا. مازلنا نمارس طقوس الجاهلية الأولى في تفضيل الطالح على الصالح, ومازلنا نرقد في مقابر الأقوام البدائية, التي قلبت نظرية (الشخص المناسب في المكان المناسب) رأسا على عقب. فالشخص (المناسب) في قاموس الأغبياء هو: كل من ينتسب إليهم بقربى النسب والمصاهرة (النسيب), أو من ينتسب إليهم بنسب القبيلة, أو الطائفة, أو, أو, أو. . . .
وترسخت في عقولهم مفاهيم المحسوبية البغيضة, حتى صاروا يحاربون القيادات الإدارية الكفوءة والنزيهة, ويمثلونها بالشجرة الجرداء, التي تستوجب القطع من الجذور, لأنها شجرة لا توفر الظلال الوارفة لمن يستظل بظلها. وتراهم يشمتون بالرجل النزيه بعد إقصائه من منصبه, ويفرحون بالتخلص منه, ويتضاحكون وهم يرددون عبارات التندر والتهكم, قائلين: ( خلصنه منه, لا فاد نفسه, ولا فاد غيره).
ولا تزال هذه المفاهيم الخاطئة هي المسيطرة على عملية الاختيار للمناصب القيادية. ولا يوجد في مجتمعنا معيار قياسي ثابت في الترشيح للمواقع الإدارية العليا. فانحرفت بوصلتنا نحو المسارات غير الحضارية في التعامل مع أصحاب الكفاءات, ما ينذر بتعطيل حركة سفينتنا وجنوحها على صخور الفساد والتسيب, أو غرقها في بحار الولاءات المنحازة.
فالمعايير الوظيفية العادلة لا تسمح بتخطي العلماء الأكفاء إرضاءً لأرباب المصالح الضيقة. وذلك لأسباب عدة، أهمها أن هذه الممارسات الخاطئة تتنافى مع المصالح العليا للعباد والبلاد. .
فهل من مصلحة البلاد وأد أصحاب الكفاءات, وترجيح كفة الأغبياء وغير الأكفاء من ذوي المصالح الضيقة ؟. وهل هذا الأمر يرضي القيادات العليا للبلاد ؟. وإذا كان هذا الأمر يرضيهم, فهل يرضي القواعد التي صوتت لهم ؟, والذين سيكونون، حتماً، ضمن قوائم الضحايا، بفرض أن عملية تخطي الكفاءات في ظل المحسوبية والمنسوبية, تحصل غالباً على حساب السواد الأعظم من الناس. .
إذن لا مناص من تغيير سياساتنا الإدارية, ولا يغير الله ما بقوم, حتى يغيّروا ما بأنفسهم. فمتى نغيّر ما بأنفسنا, حتّى يغيّر الله ما بنا ؟؟.
والجواب هو: أن نكون صادقين, ولو لمرة واحدة, في سعينا نحو إرساء قواعد العدالة والإنسانية والمساواة, ونجتهد في تطبيق المفاهيم العلمية الرصينة, ونسلك السياقات الإدارية الصحيحة. ونفسح المجال أمام أصحاب الكفاءات والمهارات والمواهب, لكي يسهموا في توجيه عجلة البناء والتطوير والإبداع نحو الفضاءات المستقبلية المشرقة, كونهم الأجدر والأفضل في التصدي للمهمات الإدارية الصعبة, وبخلاف ذلك فإننا سنقضي ما تبقى من حياتنا في مقابر الجهل والتخلف. .
لا ادري ما الذي دعاني إلى ترديد هذه النكتة إثناء مراجعتي للمقالة التحليلية, التي كتبها الأستاذ وسام الشالجي, ونشرتها (الزمان) بعددها 3232 , تعقيبا على موضوعي المنشور في الجريدة نفسها بعنوان (وأد الكفاءات). فقد وضع الشالجي يده على موضع الألم, وشخصَّ سبب الداء, وحدد مصدر العلة, التي أصابت مجتمعاتنا بعاهات مستديمة, وأقعدتها في تجاويف الكهوف والمقابر, فتخلفت عن بقية الأمم, ونامت نومة اللحود.
لقد أصاب الأستاذ الشالجي كبد الحقيقة المؤلمة. عندما خلص إلى: إنّ الحكومات ليست هي السبب دائما في وأد الكفاءات. فقد ساهمت الأمراض الاجتماعية الشائعة كالجهل, والتخلف, والأمية في إقصاء أصحاب المهارات العالية واستبعادهم, وربما اشتركت معها نوازع النفوس الأمّارة بالسوء, كالطمع والجشع والغيرة والحسد, وغيرها من إفرازات التكتلات القبلية والمذهبية, والولاءات الحزبية المتطرفة. وشر البلية ما يضحك. لأننا, وعلى الرغم من كل التجارب القاسية, التي مرت بنا. مازلنا نمارس طقوس الجاهلية الأولى في تفضيل الطالح على الصالح, ومازلنا نرقد في مقابر الأقوام البدائية, التي قلبت نظرية (الشخص المناسب في المكان المناسب) رأسا على عقب. فالشخص (المناسب) في قاموس الأغبياء هو: كل من ينتسب إليهم بقربى النسب والمصاهرة (النسيب), أو من ينتسب إليهم بنسب القبيلة, أو الطائفة, أو, أو, أو. . . .
وترسخت في عقولهم مفاهيم المحسوبية البغيضة, حتى صاروا يحاربون القيادات الإدارية الكفوءة والنزيهة, ويمثلونها بالشجرة الجرداء, التي تستوجب القطع من الجذور, لأنها شجرة لا توفر الظلال الوارفة لمن يستظل بظلها. وتراهم يشمتون بالرجل النزيه بعد إقصائه من منصبه, ويفرحون بالتخلص منه, ويتضاحكون وهم يرددون عبارات التندر والتهكم, قائلين: ( خلصنه منه, لا فاد نفسه, ولا فاد غيره).
ولا تزال هذه المفاهيم الخاطئة هي المسيطرة على عملية الاختيار للمناصب القيادية. ولا يوجد في مجتمعنا معيار قياسي ثابت في الترشيح للمواقع الإدارية العليا. فانحرفت بوصلتنا نحو المسارات غير الحضارية في التعامل مع أصحاب الكفاءات, ما ينذر بتعطيل حركة سفينتنا وجنوحها على صخور الفساد والتسيب, أو غرقها في بحار الولاءات المنحازة.
فالمعايير الوظيفية العادلة لا تسمح بتخطي العلماء الأكفاء إرضاءً لأرباب المصالح الضيقة. وذلك لأسباب عدة، أهمها أن هذه الممارسات الخاطئة تتنافى مع المصالح العليا للعباد والبلاد. .
فهل من مصلحة البلاد وأد أصحاب الكفاءات, وترجيح كفة الأغبياء وغير الأكفاء من ذوي المصالح الضيقة ؟. وهل هذا الأمر يرضي القيادات العليا للبلاد ؟. وإذا كان هذا الأمر يرضيهم, فهل يرضي القواعد التي صوتت لهم ؟, والذين سيكونون، حتماً، ضمن قوائم الضحايا، بفرض أن عملية تخطي الكفاءات في ظل المحسوبية والمنسوبية, تحصل غالباً على حساب السواد الأعظم من الناس. .
إذن لا مناص من تغيير سياساتنا الإدارية, ولا يغير الله ما بقوم, حتى يغيّروا ما بأنفسهم. فمتى نغيّر ما بأنفسنا, حتّى يغيّر الله ما بنا ؟؟.
والجواب هو: أن نكون صادقين, ولو لمرة واحدة, في سعينا نحو إرساء قواعد العدالة والإنسانية والمساواة, ونجتهد في تطبيق المفاهيم العلمية الرصينة, ونسلك السياقات الإدارية الصحيحة. ونفسح المجال أمام أصحاب الكفاءات والمهارات والمواهب, لكي يسهموا في توجيه عجلة البناء والتطوير والإبداع نحو الفضاءات المستقبلية المشرقة, كونهم الأجدر والأفضل في التصدي للمهمات الإدارية الصعبة, وبخلاف ذلك فإننا سنقضي ما تبقى من حياتنا في مقابر الجهل والتخلف. .