بعض الناس يتصورون ويصورون العلاقة بين الإنسان والله تعالى على أنها علاقة جافة جامدة قائمة على القهر والقسر وعلى الأمر والنهي، وهذا التصور قاصر وخاطئ. إن العلاقة بين العبد والرب من أسسها الحب المتبادل. يقول الله تعالى (والذين آمنوا أشد حبا لله) ويقول أيضا (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه , فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ...). وقد قدم أولا محبته هو سبحانه لعباده المؤمنين وهذا حق لأنه لولا أن الله أحبهم وإلا لما وفقهم حتى صاروا محبين له. وإن الكلمات لتعجز بطبيعة الحال أن تشرح معاني حب الله تعالى لعبد من عباده ولمخلوق من خلقه. الكلمات تعجز أن تصور حب الله تعالى وهو خالق الخلق ومالك الكون وبديع السموات والأرض، الله تعالى في تفرده وعظمته وجلاله يحب هذا الإنسان الضعيف. إنها نعمة لا تعدلها نعمة وفضل لا يدانيه فضل. ونعمة أخرى هي محبة العبد لربه، هذه المحبة تسري روحها في عبادات الإنسان وطاعاته فتعطيها نفسا إيمانيا مختلفا.
ولما كانت الكلمات قاصرة عن وصف هذا الحب المتبادل، ولما كان كثير من الناس ربما يدعون بغير حق وجود هذا الحب، فإن هناك علامات لهذا الحب يستدل بها عليه، بينها الله تعالى لتكون إشارات نتلمس بها آثار هذا الحب العظيم، الذي يختلف عن أي حب آخر. فمن لوازم محبة العبد لربه، أنه لابد أن يتصف بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا، في أقواله وأعماله وجميع أحواله، كما قال تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله) فبقدر ما في حياتك من متابعة لرسول الله بقدر ما في قلبك من محبة لله تعالى، وإنه مقياس لا يختل ومؤشر لا يكذب. ومن هذا أيضا الاهتمام بالفرائض لإرضاء الله تعالى ثم التقرب بالنوافل الزائدة الاختيارية فهي دليل الحب، كما جاء في الحديث القدسي الصحيح (وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه).
وقد ذكر الله من أوصاف هؤلاء الذين يحبهم ويحبونه أربعة أوصاف محددة:
• أذلة على المؤمنين.
• أعزة على الكافرين.
• يجاهدون في سبيل الله.
• ولا يخافون لومة لائم.
فهم أولا أذلة على المؤمنين، وذلك لمحبتهم لهم، ونصحهم لهم، ولينهم ورفقهم ورأفتهم، ورحمتهم بهم وسهولة جانبهم. فالمؤمن ذلول للمؤمن لا يستعصي ولا يصعب عليه وهو هين لين سهل. والبعض يظن أن الذلة للمؤمنين فيها هوان أو مهانة أو قلة احترام، وهذا غير صحيح، وإنما المراد المبالغة في وصفهم بالرفق ولين الجانب، وهذا نقيض التكبر والترفع، فإن قيل: إذا كان هذا هو المعنى فلماذا لم يقل: أذلة للمؤمنين ؟، فلعل السبب في هذا هو أن كلمة (على المؤمنين) تدل على علو منصبهم وفضلهم وشرفهم، فكونهم أذلة ليس لأجل كونهم مهانين ذليلين في أنفسهم، بل ذاك التذلل ضم إلى علو منصبهم فضيلة التواضع، فدفعتهم الأخوة إلى رفع الحواجز وإزالة التكلف والترفع.
وهم أعزة على الكافرين، وهذا ليس كبرا ولا عزة للذات وإنما هي كبرياء العقيدة والحق الذي ينتسبون له، ليس لنفوسهم حظ فيه. وهم يشعرون بهذا حتى في لحظات الضعف أو الهزيمة، إنه شعور يواجهون به من يتكبرون على عبادة الله، فينظرون إليهم نظرة العزيز الغالب ، لا نظرة الضعيف الخانع. وهم يجاهدون في سبيل الله لتكون كلمته هي العليا، لا يجاهدون لدنيا ولا لمغنم ولا لصيت ولا لسمعة، إنما ذلك في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم فهم لايعدلون برضا الله شيئا، وهل يخاف من يستشعر حب الله له ملامة الناس؟ أو غضبهم ؟ إن حب الله يجعل هذه القضية واضحة ومحسومة فلا يؤثر فيها لوم الناس مهما كان وضع أو قيمة هؤلاء الناس.
وقد شاعت معاني حب الله تعالى في أدبيات الصوفية، وأغلبها الأعم ملئ بشطحات مفتعلة، وقليل منها الذي تلمس فيه صدق هذه العلاقة الجميلة. ولعل من هذا الأبييات المنسوبة لرابعة العدوية وتقول فيها:
راحتي يا إخوتي في خلوتي .... وحبيبي دائماً في حضرتي
لم أجد لي عن هواه عوضا .... وهواه في البرايا محنتي
وأبيات أخرى تنسب لها غاية في الجمال (إلا لو صدق نسبتها لأبي فراس الحمداني فيكون قد أساء كل الإساءة في قوله هذا لمدح سيف الدولة، إذ يقوله لمخلوق مثله لا يملك له ولا لنفسه نفعا ولا ضرا):
فليتك تحلو والحياة مريرة .... وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر .... وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين .... وكل الذي فوق التراب تراب
ولما كانت الكلمات قاصرة عن وصف هذا الحب المتبادل، ولما كان كثير من الناس ربما يدعون بغير حق وجود هذا الحب، فإن هناك علامات لهذا الحب يستدل بها عليه، بينها الله تعالى لتكون إشارات نتلمس بها آثار هذا الحب العظيم، الذي يختلف عن أي حب آخر. فمن لوازم محبة العبد لربه، أنه لابد أن يتصف بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا، في أقواله وأعماله وجميع أحواله، كما قال تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله) فبقدر ما في حياتك من متابعة لرسول الله بقدر ما في قلبك من محبة لله تعالى، وإنه مقياس لا يختل ومؤشر لا يكذب. ومن هذا أيضا الاهتمام بالفرائض لإرضاء الله تعالى ثم التقرب بالنوافل الزائدة الاختيارية فهي دليل الحب، كما جاء في الحديث القدسي الصحيح (وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبه).
وقد ذكر الله من أوصاف هؤلاء الذين يحبهم ويحبونه أربعة أوصاف محددة:
• أذلة على المؤمنين.
• أعزة على الكافرين.
• يجاهدون في سبيل الله.
• ولا يخافون لومة لائم.
فهم أولا أذلة على المؤمنين، وذلك لمحبتهم لهم، ونصحهم لهم، ولينهم ورفقهم ورأفتهم، ورحمتهم بهم وسهولة جانبهم. فالمؤمن ذلول للمؤمن لا يستعصي ولا يصعب عليه وهو هين لين سهل. والبعض يظن أن الذلة للمؤمنين فيها هوان أو مهانة أو قلة احترام، وهذا غير صحيح، وإنما المراد المبالغة في وصفهم بالرفق ولين الجانب، وهذا نقيض التكبر والترفع، فإن قيل: إذا كان هذا هو المعنى فلماذا لم يقل: أذلة للمؤمنين ؟، فلعل السبب في هذا هو أن كلمة (على المؤمنين) تدل على علو منصبهم وفضلهم وشرفهم، فكونهم أذلة ليس لأجل كونهم مهانين ذليلين في أنفسهم، بل ذاك التذلل ضم إلى علو منصبهم فضيلة التواضع، فدفعتهم الأخوة إلى رفع الحواجز وإزالة التكلف والترفع.
وهم أعزة على الكافرين، وهذا ليس كبرا ولا عزة للذات وإنما هي كبرياء العقيدة والحق الذي ينتسبون له، ليس لنفوسهم حظ فيه. وهم يشعرون بهذا حتى في لحظات الضعف أو الهزيمة، إنه شعور يواجهون به من يتكبرون على عبادة الله، فينظرون إليهم نظرة العزيز الغالب ، لا نظرة الضعيف الخانع. وهم يجاهدون في سبيل الله لتكون كلمته هي العليا، لا يجاهدون لدنيا ولا لمغنم ولا لصيت ولا لسمعة، إنما ذلك في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم فهم لايعدلون برضا الله شيئا، وهل يخاف من يستشعر حب الله له ملامة الناس؟ أو غضبهم ؟ إن حب الله يجعل هذه القضية واضحة ومحسومة فلا يؤثر فيها لوم الناس مهما كان وضع أو قيمة هؤلاء الناس.
وقد شاعت معاني حب الله تعالى في أدبيات الصوفية، وأغلبها الأعم ملئ بشطحات مفتعلة، وقليل منها الذي تلمس فيه صدق هذه العلاقة الجميلة. ولعل من هذا الأبييات المنسوبة لرابعة العدوية وتقول فيها:
راحتي يا إخوتي في خلوتي .... وحبيبي دائماً في حضرتي
لم أجد لي عن هواه عوضا .... وهواه في البرايا محنتي
وأبيات أخرى تنسب لها غاية في الجمال (إلا لو صدق نسبتها لأبي فراس الحمداني فيكون قد أساء كل الإساءة في قوله هذا لمدح سيف الدولة، إذ يقوله لمخلوق مثله لا يملك له ولا لنفسه نفعا ولا ضرا):
فليتك تحلو والحياة مريرة .... وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر .... وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين .... وكل الذي فوق التراب تراب