حقول الأرز مصدر رئيسي لانبعاث غاز الميثان في الغلاف الجوي
يعتبر الأرز من المحاصيل الغذائية الرئيسية لغالبية سكان العالم، ويشكل مصدرا هاما للاحتياجات اليومية من الغذاء، ويغطي ما بين 40% ـ 60 % من إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة، خاصة في القارة الآسيوية التي يقدر فيها عدد المستهلكين للأرز بحوالي 3 بليون شخص بصورة يومية. ويقدر الإنتاج من الأرز بحوالي 600 مليون طن سنويا ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي 760 مليون طن في عام 2020. كما أنه من المتوقع أن يزيد الطلب على الأزر والمقدر بحوالي 350 مليون طن تلبية لاحتياجات زيادة السكان والمتوقع أن يصل عددهم إلى حوالي 8 بليون نسمة في نهاية عام 2020. وتنتج القارة الآسيوية أكثر من 90% من الإجمالي المنتج، بينما تنتج كل من أمريكا اللاتينية حوالي 2،3%، والقارة الأفريقية حوالي 1،2% وباقي دول العالم حوالي 5،2%. والجدير بالذكر أن حوالي 95% من الإنتاج العالمي يستهلك محليا في الدول المنتجة وحوالي 5% فقط مخصص للتصدير، وتقدر المساحات المزروعة بالأرز عن طريق الري بالغمر بحوالي 150 مليون هكتار (5،1 مليون كم2).
مصادر غاز الميثان
أكدت عدة دراسات في مناطق مختلفة من العالم أن حقول الأرز تعتبر من المصادر الرئيسية لغاز الميثان (CH4) الموجود في الغلاف الجوي، حيث أن محاصيل الأرز المزروعة في الحقول المغمورة بمياه الري تساهم بإنتاج الغاز كجزء من الدورة الطبيعية لنموها. وأهم المصادر التي ينبعث منها الغاز إلى الغلاف الجوي هي حقول النفط والغاز، ومناطق الردم، وأعماق البحار والمحيطات، وكذلك الحيوانات المجترة كجزء من النظام الطبيعي لعمليات هضم المواد الغذائية، بالإضافة إلى الأراضي الرطبة كالمستنقعات والمانجروف والحقول الزراعية المغمورة. وحوالي 70% من الغاز المنتج مصدره نشاطات بشرية، وحوالي 30% مصادره طبيعية، كما أن حوالي 80% من إجمالي الغاز المنبعث إلى الجو مصدره كائنات حية، بينما 20% مصدره بقايا كربونية (Fossil Carbon).
ويعتبر غاز الميثان أحد الغازات الطبيعية الرئيسية ويعرف أيضا بغاز المستنقعات، ويأتي في المرتبة الثانية بعد غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) من ناحية الأهمية التي تشكل الغازات الحابسة للحرارة والتي تعرف بالغازات الدفيئة (Green House Gases). ويقدر تركيز غاز الميثان في الجو بحوالي 7،1 جزء من المليون بينما يقدر تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون بحوالي 345 جزء من المليون، ولكن قدرة الجزيء الواحد (Molecule) من غاز الميثان على امتصاص وتخزين الحرارة تفوق جزيء غاز ثاني أكسيد الكربون بحوالي 30 مرة، أي أن التأثير الحراري (Warming effect) لغاز الميثان أكبر من ثاني أكسيد الكربون.
ويقدر المعدل السنوي لزيادة غاز الميثان في الجو بحوالي 1% ومع استمرارية هذه الزيادة فمن المحتمل أن تؤثر سلبا على التغيرات المناخية مستقبلا، إضافة إلى غازات أخرى، خاصة وأن هذا الغاز يؤثر في التركيب الكيميائي وقدرة التأكسد للغلاف الجوي، حيث أنه يؤثر في تركيزات كل من غاز الأوزون (O3) في الطبقات الدنيا من الغلاف الجوي (Tropospheric Ozone)، وغاز أول أكسيد الكربون (CO) وجزيئات الهيدروكسيد (Hydroxyle Radicals)، كما يعتبر غاز الميثان وعاءا (Sink) لغاز الكلور وفي الوقت نفسه مصدرا للهيدروجين وبخار الماء في طبقات الجو العليا (Stratosphere).
تقدر كميات غاز الميثان الموجودة في الغلاف الجوي بحوالي 4700 مليون طن، بمعدل سنوي ما بين 300 ـ 350 مليون طن تنتج من مصادر مختلفة، بينما تبلغ الكميات الناتجة عن حقول الأرز على المستوى العالمي ما بين 20 ـ 100 مليون طن سنويا، أي أن زراعة الأرز تسهم بحوالي 6%ـ29% من إجمالي انبعاث غاز الميثان إلى الغلاف الجوي سنويا. وتسهم القارة الآسيوية بإنتاج حوالي 40 مليون طن سنويا من الغاز الناتج عن حقول الأرز، أي ما يعادل حوالي 40% من الانتاج العالمي من المصدر نفسه.
زراعة الأرز وإنتاج غاز الميثان
يمكن تبسيط كيفية مساهمة زراعة الأرز في انبعاث الغاز في أن المياه التي تغمر حقول الأرز تقوم بمنع وصول الأكسجين إلى التربة، مما ينتج عنه تخمر للمواد العضوية الموجودة فيها بواسطة أنواع من البكتيريا اللاهوائية (Anaerobic Bacteria)، ويعتبر غاز الميثان ناتجا رئيسيا لهذه العملية بعد مرورها بعدة مراحل، حيث أنه في الأرض المغمورة ينتج الغاز عن طريق تحويل حمض الخليك (Acetic Acid) الناتج عن عمليات تخمر المواد العضوية إلى غاز الميثان بواسطة عملية تعرف بالتحول الميثاني (Transmethylation) ويمكن تلخيصها بصورة مبسطة على النحو التالي:
1 ـ مرحلة التميؤ والتخمر (Hydrolysis and Fermentation): ويتم فيها تحويل المواد العضوية كالكربوهيدرات والدهون والبروتينات إلى سكريات وأحماض بواسطة بكتيريا وخمائر معينة.
2 ـ مرحلة تشكيل الأحماض، وتقوم فيها أنواع من البكتيريا اللاهوائية بتحويل بعض نواتج المرحلة الأولى إلى حمض الخليك، بإلاضافة إلى مركبات أخرى.
3 ـ مرحلة تشكيل الميثان (Methanogenesis)، وتقوم خلالها أنواع من البكتيريا (Methanogenic Bacteria) بتحويل حمض الخليك إلى غاز الميثان بالإضافة إلى مركبات أخرى كالماء وثاني أكسيد الكربون.
يتسرب غاز الميثان من الأرض المغمورة إلى الجو بعدة طرق طبيعية منها الانتشار بصورة مائعة (Dissolved Diffuson)، وعلى شكل فقاعات غازية ناتجة عن التفاعل الحراري والتحلل في التربة (Ebullition)، أو من خلال الأنسجة المختلفة للنباتات وخاصة الجذور والسيقان (Aerenchyma Tissue)، وهي أنسجة توجد في النباتات المائية (hydrophytes) تتكون من خلايا رقيقة الجدران تحيط بفراغات هوائية كبيرة، وتسهم هذه الأنسجة بحوالي 70% من إجمالي كميات الغاز المنبعث إلى الجو بواسطة نبات الأرز.
هناك عدة عوامل تتحكم في كميات الغاز المنبعثة من حقول الأرز منها طبيعة المناخ وعناصره المختلفة، والخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للتربة والمحتوى من المواد العضوية، والفترة الزمنية التي تغمر فيها الحقول بمياه الري وكميات الأمطار، والممارسات الزراعية وكيفية استغلال الأرض واستخدام كميات الأسمدة المختلفة، بالاضافة إلى مراحل نمو النبات وفترات مواسم الزراعة والإنتاج.
تعتبر الحقول المروية (Irrigated Fields) المصدر الرئيسي لإنتاج الغاز، حيث أن المساحات المروية تغطي حوالي 50% من المساحات الإجمالية المزروعة بالأرز وتنتج أكثر من 70% من الإنتاج الكلي عالميا. كما أن انبعاث الغاز من الحقول البعلية، التي تعتمد على الأمطار الموسمية غير المنتظمة وتتخللها فترات جفاف، يكون أقل بكثير من تلك في الحقول المروية التي تتوافر فيها المياه بصورة دائمة. وكذلك في الأراضي المنخفضة لزراعة الأرز (Low land paddy) يكون انبعاث الغاز أكثر من تلك في الأراضي المرتفعة (Upland paddy) بسبب زيادة تسرب المياه وجريانها في المناطق المرتفعة، أي أن مياه الري تمكث فترة قصيرة فيها حيث الصرف الطبيعي للمناطق العالية.
كما أن هناك كميات من الغاز تبقى محبوسة في التربة المغمورة، وعند صرف مياه الري خلال فترات لاحقة من نمو المحصول فإن غاز الميثان يتأكسد إلى غاز ثاني أكسيد الكربون بواسطة بعض أنواع البكتيريا (Methanotrophs) التي تتغذى على الميثان للحصول على الطاقة والكربون اللازم لنموها. وجزء كبير من الغاز المحبوس ينبعث إلى الجو مباشرة بعد انحسار مياه الري وعند جفاف الأراضي المزروعة في نهاية الموسم. وحوالي 60% من غاز الميثان المنتج خلال موسم نمو المحصول قد يتأكسد قبل وصوله إلى الجو، حيث يزيد تركيز أنواع البكتيريا المؤكسدة للميثان وخاصة في منطقة الجذور (Rhizosphere)، وهي التربة المحيطة بجذور النبات، وتتميز بنشاط الأحياء الدقيقة التي تعيش فيها. ولغاز الميثان قابلية منخفضة للذوبان في الماء وهذه الخاصية تحد نوعا ما من انتقال الغاز عن طريق الإنتشار في التربة المغمورة، ولذا فإن انتقال الغاز بالإنتشار في التربة الطينية يكون بطيئا جدا بعكس التربة الرملية حيث المسامات والفراغات الكبيرة بين جزيئاتها التي تساعد على انتشار الغاز. وكما هو معروف فأن التربة الطينية هي السائدة في حقول الأرز مما يساعد على احتباس الغاز فيها، ولكن تحت الظروف الطبيعية فإن جزءا كبيرا من الغاز المحبوس يتسرب إلى الغلاف الجوي، وذلك أثناء العمليات اليومية كالحراثة ونقل الشتلات، والتسميد وتنظيف الحقول من النباتات الضارة، بالإضافة إلى عمليات الحصاد في نهاية الموسم.
التحكم في انبعاث غاز الميثان
ليس من السهولة التحكم في انبعاث غاز الميثان من حقول الأرز وقياس كمياته بصورة دقيقة، وذلك بسبب العوامل الكثيرة المؤثرة في تكوينه وإنتاجه، منها عوامل طبيعية وأخرى يتدخل فيها الإنسان. ولكن هناك بعض الخطوات من الممكن تطبيقها للتقليل من إنتاج الغاز إلى حد ما، ومنها تقنين استعمال مياه الري، وأن لا تزيد عن الاحتياجات الفعلية لإنتاج الأرز، وتقليص فترة الغمر بحيث لا تؤثر سلبا على الإنتاجية. وكذلك من الممكن تطوير أصناف من الأرز ذات القدرة على إنتاج الغاز بكميات قليلة بواسطة التحسين الوراثي لها. كما أنه يجب تقنين استعمال الأسمدة الطبيعية والكيميائية من الناحية النوعية والكمية كمصادر عضوية مضافة إلى الحقول المزروعة لما لها من دور كبير في إنتاج الغاز، حيث أن هناك أنواعا من الأسمدة تزيد من إنتاج الغاز وأخرى تخفض الإنتاج والانبعاث.
تبذل الصين، وهي تنتج حوالي ثلث الكميات وتغطي حوالي خمس المساحات المزروعة بالأرز على المستوى العالمي جهودا كبيرة في تقليص انبعاث الغاز حيث نجحت في تقليص انبعاث غاز الميثان من حقول الأرز بحوالي 5 مليون طن سنويا خلال الفترة ما بين 1980 ـ 2000. وحسب التجارب الصينية في هذا المجال فإنه يمكن تقليل انبعاث الغاز من حقول الأرز عن طريق تقليص فترات غمر الأراضي بتصريف مياه الري عدة مرات خلال الموسم الزراعي، دون أي تأثير سلبي على الإنتاج المحصولي. وكذلك في مناطق أخرى من العالم تبين أن أصناف الأرز ذات الإنتاجية العالية تسهم بتقليص انبعاث غاز الميثان في الحقول المزروعة؛ وذلك لقدرتها وبكفاءة جيدة على امتصاص عنصر الكربون الجوي من خلال عملية البناء الضوئي، مما يقلل من كميات الكربون المخزون في التربة بواسطة الجذور حيث يتحول الكربون بدوره إلى غاز الميثان. وبما أن الغاز عبارة عن مركب يتكون من جزيء كربون و4 جزيئات هيدروجين، فإن النباتات التي تستغل عنصر الكربون بكفاءة في تكوين الزهور والحبوب تساعد على تقليص كميات الكربون المخزون في التربة ومن ثم تساهم في خفض إنتاج غاز الميثان لصالح إنتاجية المحصول
يعتبر الأرز من المحاصيل الغذائية الرئيسية لغالبية سكان العالم، ويشكل مصدرا هاما للاحتياجات اليومية من الغذاء، ويغطي ما بين 40% ـ 60 % من إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة، خاصة في القارة الآسيوية التي يقدر فيها عدد المستهلكين للأرز بحوالي 3 بليون شخص بصورة يومية. ويقدر الإنتاج من الأرز بحوالي 600 مليون طن سنويا ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي 760 مليون طن في عام 2020. كما أنه من المتوقع أن يزيد الطلب على الأزر والمقدر بحوالي 350 مليون طن تلبية لاحتياجات زيادة السكان والمتوقع أن يصل عددهم إلى حوالي 8 بليون نسمة في نهاية عام 2020. وتنتج القارة الآسيوية أكثر من 90% من الإجمالي المنتج، بينما تنتج كل من أمريكا اللاتينية حوالي 2،3%، والقارة الأفريقية حوالي 1،2% وباقي دول العالم حوالي 5،2%. والجدير بالذكر أن حوالي 95% من الإنتاج العالمي يستهلك محليا في الدول المنتجة وحوالي 5% فقط مخصص للتصدير، وتقدر المساحات المزروعة بالأرز عن طريق الري بالغمر بحوالي 150 مليون هكتار (5،1 مليون كم2).
مصادر غاز الميثان
أكدت عدة دراسات في مناطق مختلفة من العالم أن حقول الأرز تعتبر من المصادر الرئيسية لغاز الميثان (CH4) الموجود في الغلاف الجوي، حيث أن محاصيل الأرز المزروعة في الحقول المغمورة بمياه الري تساهم بإنتاج الغاز كجزء من الدورة الطبيعية لنموها. وأهم المصادر التي ينبعث منها الغاز إلى الغلاف الجوي هي حقول النفط والغاز، ومناطق الردم، وأعماق البحار والمحيطات، وكذلك الحيوانات المجترة كجزء من النظام الطبيعي لعمليات هضم المواد الغذائية، بالإضافة إلى الأراضي الرطبة كالمستنقعات والمانجروف والحقول الزراعية المغمورة. وحوالي 70% من الغاز المنتج مصدره نشاطات بشرية، وحوالي 30% مصادره طبيعية، كما أن حوالي 80% من إجمالي الغاز المنبعث إلى الجو مصدره كائنات حية، بينما 20% مصدره بقايا كربونية (Fossil Carbon).
ويعتبر غاز الميثان أحد الغازات الطبيعية الرئيسية ويعرف أيضا بغاز المستنقعات، ويأتي في المرتبة الثانية بعد غاز ثاني أكسيد الكربون (CO2) من ناحية الأهمية التي تشكل الغازات الحابسة للحرارة والتي تعرف بالغازات الدفيئة (Green House Gases). ويقدر تركيز غاز الميثان في الجو بحوالي 7،1 جزء من المليون بينما يقدر تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون بحوالي 345 جزء من المليون، ولكن قدرة الجزيء الواحد (Molecule) من غاز الميثان على امتصاص وتخزين الحرارة تفوق جزيء غاز ثاني أكسيد الكربون بحوالي 30 مرة، أي أن التأثير الحراري (Warming effect) لغاز الميثان أكبر من ثاني أكسيد الكربون.
ويقدر المعدل السنوي لزيادة غاز الميثان في الجو بحوالي 1% ومع استمرارية هذه الزيادة فمن المحتمل أن تؤثر سلبا على التغيرات المناخية مستقبلا، إضافة إلى غازات أخرى، خاصة وأن هذا الغاز يؤثر في التركيب الكيميائي وقدرة التأكسد للغلاف الجوي، حيث أنه يؤثر في تركيزات كل من غاز الأوزون (O3) في الطبقات الدنيا من الغلاف الجوي (Tropospheric Ozone)، وغاز أول أكسيد الكربون (CO) وجزيئات الهيدروكسيد (Hydroxyle Radicals)، كما يعتبر غاز الميثان وعاءا (Sink) لغاز الكلور وفي الوقت نفسه مصدرا للهيدروجين وبخار الماء في طبقات الجو العليا (Stratosphere).
تقدر كميات غاز الميثان الموجودة في الغلاف الجوي بحوالي 4700 مليون طن، بمعدل سنوي ما بين 300 ـ 350 مليون طن تنتج من مصادر مختلفة، بينما تبلغ الكميات الناتجة عن حقول الأرز على المستوى العالمي ما بين 20 ـ 100 مليون طن سنويا، أي أن زراعة الأرز تسهم بحوالي 6%ـ29% من إجمالي انبعاث غاز الميثان إلى الغلاف الجوي سنويا. وتسهم القارة الآسيوية بإنتاج حوالي 40 مليون طن سنويا من الغاز الناتج عن حقول الأرز، أي ما يعادل حوالي 40% من الانتاج العالمي من المصدر نفسه.
زراعة الأرز وإنتاج غاز الميثان
يمكن تبسيط كيفية مساهمة زراعة الأرز في انبعاث الغاز في أن المياه التي تغمر حقول الأرز تقوم بمنع وصول الأكسجين إلى التربة، مما ينتج عنه تخمر للمواد العضوية الموجودة فيها بواسطة أنواع من البكتيريا اللاهوائية (Anaerobic Bacteria)، ويعتبر غاز الميثان ناتجا رئيسيا لهذه العملية بعد مرورها بعدة مراحل، حيث أنه في الأرض المغمورة ينتج الغاز عن طريق تحويل حمض الخليك (Acetic Acid) الناتج عن عمليات تخمر المواد العضوية إلى غاز الميثان بواسطة عملية تعرف بالتحول الميثاني (Transmethylation) ويمكن تلخيصها بصورة مبسطة على النحو التالي:
1 ـ مرحلة التميؤ والتخمر (Hydrolysis and Fermentation): ويتم فيها تحويل المواد العضوية كالكربوهيدرات والدهون والبروتينات إلى سكريات وأحماض بواسطة بكتيريا وخمائر معينة.
2 ـ مرحلة تشكيل الأحماض، وتقوم فيها أنواع من البكتيريا اللاهوائية بتحويل بعض نواتج المرحلة الأولى إلى حمض الخليك، بإلاضافة إلى مركبات أخرى.
3 ـ مرحلة تشكيل الميثان (Methanogenesis)، وتقوم خلالها أنواع من البكتيريا (Methanogenic Bacteria) بتحويل حمض الخليك إلى غاز الميثان بالإضافة إلى مركبات أخرى كالماء وثاني أكسيد الكربون.
يتسرب غاز الميثان من الأرض المغمورة إلى الجو بعدة طرق طبيعية منها الانتشار بصورة مائعة (Dissolved Diffuson)، وعلى شكل فقاعات غازية ناتجة عن التفاعل الحراري والتحلل في التربة (Ebullition)، أو من خلال الأنسجة المختلفة للنباتات وخاصة الجذور والسيقان (Aerenchyma Tissue)، وهي أنسجة توجد في النباتات المائية (hydrophytes) تتكون من خلايا رقيقة الجدران تحيط بفراغات هوائية كبيرة، وتسهم هذه الأنسجة بحوالي 70% من إجمالي كميات الغاز المنبعث إلى الجو بواسطة نبات الأرز.
هناك عدة عوامل تتحكم في كميات الغاز المنبعثة من حقول الأرز منها طبيعة المناخ وعناصره المختلفة، والخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للتربة والمحتوى من المواد العضوية، والفترة الزمنية التي تغمر فيها الحقول بمياه الري وكميات الأمطار، والممارسات الزراعية وكيفية استغلال الأرض واستخدام كميات الأسمدة المختلفة، بالاضافة إلى مراحل نمو النبات وفترات مواسم الزراعة والإنتاج.
تعتبر الحقول المروية (Irrigated Fields) المصدر الرئيسي لإنتاج الغاز، حيث أن المساحات المروية تغطي حوالي 50% من المساحات الإجمالية المزروعة بالأرز وتنتج أكثر من 70% من الإنتاج الكلي عالميا. كما أن انبعاث الغاز من الحقول البعلية، التي تعتمد على الأمطار الموسمية غير المنتظمة وتتخللها فترات جفاف، يكون أقل بكثير من تلك في الحقول المروية التي تتوافر فيها المياه بصورة دائمة. وكذلك في الأراضي المنخفضة لزراعة الأرز (Low land paddy) يكون انبعاث الغاز أكثر من تلك في الأراضي المرتفعة (Upland paddy) بسبب زيادة تسرب المياه وجريانها في المناطق المرتفعة، أي أن مياه الري تمكث فترة قصيرة فيها حيث الصرف الطبيعي للمناطق العالية.
كما أن هناك كميات من الغاز تبقى محبوسة في التربة المغمورة، وعند صرف مياه الري خلال فترات لاحقة من نمو المحصول فإن غاز الميثان يتأكسد إلى غاز ثاني أكسيد الكربون بواسطة بعض أنواع البكتيريا (Methanotrophs) التي تتغذى على الميثان للحصول على الطاقة والكربون اللازم لنموها. وجزء كبير من الغاز المحبوس ينبعث إلى الجو مباشرة بعد انحسار مياه الري وعند جفاف الأراضي المزروعة في نهاية الموسم. وحوالي 60% من غاز الميثان المنتج خلال موسم نمو المحصول قد يتأكسد قبل وصوله إلى الجو، حيث يزيد تركيز أنواع البكتيريا المؤكسدة للميثان وخاصة في منطقة الجذور (Rhizosphere)، وهي التربة المحيطة بجذور النبات، وتتميز بنشاط الأحياء الدقيقة التي تعيش فيها. ولغاز الميثان قابلية منخفضة للذوبان في الماء وهذه الخاصية تحد نوعا ما من انتقال الغاز عن طريق الإنتشار في التربة المغمورة، ولذا فإن انتقال الغاز بالإنتشار في التربة الطينية يكون بطيئا جدا بعكس التربة الرملية حيث المسامات والفراغات الكبيرة بين جزيئاتها التي تساعد على انتشار الغاز. وكما هو معروف فأن التربة الطينية هي السائدة في حقول الأرز مما يساعد على احتباس الغاز فيها، ولكن تحت الظروف الطبيعية فإن جزءا كبيرا من الغاز المحبوس يتسرب إلى الغلاف الجوي، وذلك أثناء العمليات اليومية كالحراثة ونقل الشتلات، والتسميد وتنظيف الحقول من النباتات الضارة، بالإضافة إلى عمليات الحصاد في نهاية الموسم.
التحكم في انبعاث غاز الميثان
ليس من السهولة التحكم في انبعاث غاز الميثان من حقول الأرز وقياس كمياته بصورة دقيقة، وذلك بسبب العوامل الكثيرة المؤثرة في تكوينه وإنتاجه، منها عوامل طبيعية وأخرى يتدخل فيها الإنسان. ولكن هناك بعض الخطوات من الممكن تطبيقها للتقليل من إنتاج الغاز إلى حد ما، ومنها تقنين استعمال مياه الري، وأن لا تزيد عن الاحتياجات الفعلية لإنتاج الأرز، وتقليص فترة الغمر بحيث لا تؤثر سلبا على الإنتاجية. وكذلك من الممكن تطوير أصناف من الأرز ذات القدرة على إنتاج الغاز بكميات قليلة بواسطة التحسين الوراثي لها. كما أنه يجب تقنين استعمال الأسمدة الطبيعية والكيميائية من الناحية النوعية والكمية كمصادر عضوية مضافة إلى الحقول المزروعة لما لها من دور كبير في إنتاج الغاز، حيث أن هناك أنواعا من الأسمدة تزيد من إنتاج الغاز وأخرى تخفض الإنتاج والانبعاث.
تبذل الصين، وهي تنتج حوالي ثلث الكميات وتغطي حوالي خمس المساحات المزروعة بالأرز على المستوى العالمي جهودا كبيرة في تقليص انبعاث الغاز حيث نجحت في تقليص انبعاث غاز الميثان من حقول الأرز بحوالي 5 مليون طن سنويا خلال الفترة ما بين 1980 ـ 2000. وحسب التجارب الصينية في هذا المجال فإنه يمكن تقليل انبعاث الغاز من حقول الأرز عن طريق تقليص فترات غمر الأراضي بتصريف مياه الري عدة مرات خلال الموسم الزراعي، دون أي تأثير سلبي على الإنتاج المحصولي. وكذلك في مناطق أخرى من العالم تبين أن أصناف الأرز ذات الإنتاجية العالية تسهم بتقليص انبعاث غاز الميثان في الحقول المزروعة؛ وذلك لقدرتها وبكفاءة جيدة على امتصاص عنصر الكربون الجوي من خلال عملية البناء الضوئي، مما يقلل من كميات الكربون المخزون في التربة بواسطة الجذور حيث يتحول الكربون بدوره إلى غاز الميثان. وبما أن الغاز عبارة عن مركب يتكون من جزيء كربون و4 جزيئات هيدروجين، فإن النباتات التي تستغل عنصر الكربون بكفاءة في تكوين الزهور والحبوب تساعد على تقليص كميات الكربون المخزون في التربة ومن ثم تساهم في خفض إنتاج غاز الميثان لصالح إنتاجية المحصول