--------------------------------------------------------------------------------
الشيء الذي يلفت نظرنا في هذه السيرة ، أنه خرج مرةً من داره متوشِّحاً قوسه ، ميمِّماً وجهه شطر الفلاة ، ليمارس هوايته المحببة وهي الصيد ، وكان صاحب مهارةٍ فائقةٍ فيه ، وقضى هناك بعض يومه ، ولما عاد من قنصه ـ أي من صيده ـ ذهب كعادته إلى الكعبة ليطوف بها قبل أن يقفل راجعاً إلى داره ، وقريباً من الكعبة لقيته خادمةٌ لعبد الله بن جُدعان ، ولم تكد تبصره حتى قالت له : يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمدٍ آنفاً من أبي الحكم بن هشام ، وجده هناك جالساً ؛ فآذاه ، وسبَّه ، وبلغ منه ما يكره .
هو في الجاهلية ، لم يسلم بعد ، لكن أعماقه تحب النبي ، صديقه ، وتِرْبَه ، وأخاه من الرضاع ، ونشأ معه ، ، مضت هذه الخادمة تشرح لسيدنا حمزة ما صنع أبا جهلٍ برسول الله ، واستمع هذا الصحابي الجليل لقولها جيداً ، ثم أطرق لحظةً ، ثم مد يمينه إلى قوسه فثبَّتها فوق كتفه ، ثم انطلق في خطىً سريعة حازماً صوب الكعبة ، وفي هدوءٍ رهيب تقدَّم حمزة من أبي جهلٍ ، ثم استلَّ قوسه ، وهوى به على رأس أبي جهل فشجه وأدماه ، وقبل أن يفيق الجالسون من الدهشة ، صاح حمزة في أبي جهل : أتشتم محمداً ، وأنا على دينه ، أقول ما يقول ، ألا فرد ذلك علي إن استطعت .
هذا الصحابي الجليل ، عم النبي عليه الصلاة والسلام ، أسلم في ساعة غضب ،
في هذه اللحظة التي لم يحتمل أن يصاب ابن أخيه بالأذى من قبل أبي جهل ، أعلن إسلامه صراحةً ، وانتهى الأمر .
لكن بعد أن أسلم شعر أن هذا الدين فيه التزامات ، وأنه ترك دين آبائه ، هذه فطرة بالإنسان ، لأن الإنسان يكره ترك ما ألفه
وفي البيت وقع في صراعٍ مع نفسه ؛ ترك دين آبائه ، لم يألف هذا ، لم يعرف ما الإسلام، ما حقيقته ، وغير ذلك ، هذا الصراع والأخذ والرد، والتمزق الداخلي ، ألجأه إلى أن يطوف حول الكعبة وأن يستخير الله عزَّ وجل ، يروي ويقول : ثم أدركني الندم ـ على هذا الإسلام ـ على فراق دين آبائي وقومي ، وبت من الشك في أمرٍ عظيم لا أكتحل بنوم ـ ما عاد نام ـ ثم أتيت الكعبة ، وتضرَّعت إلى الله تعالى أن يشرح صدري للحق ، ويذهب عني الريب ، فاستجاب الله لي وملأ قلبي يقيناً ـ لأنه طالب حق وصادق ـ وغدوت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأخبرته بما كان من أمري ، فدعا الله أن يثبِّت قلبي على دينه "
الشيء الذي يلفت نظرنا في هذه السيرة ، أنه خرج مرةً من داره متوشِّحاً قوسه ، ميمِّماً وجهه شطر الفلاة ، ليمارس هوايته المحببة وهي الصيد ، وكان صاحب مهارةٍ فائقةٍ فيه ، وقضى هناك بعض يومه ، ولما عاد من قنصه ـ أي من صيده ـ ذهب كعادته إلى الكعبة ليطوف بها قبل أن يقفل راجعاً إلى داره ، وقريباً من الكعبة لقيته خادمةٌ لعبد الله بن جُدعان ، ولم تكد تبصره حتى قالت له : يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمدٍ آنفاً من أبي الحكم بن هشام ، وجده هناك جالساً ؛ فآذاه ، وسبَّه ، وبلغ منه ما يكره .
هو في الجاهلية ، لم يسلم بعد ، لكن أعماقه تحب النبي ، صديقه ، وتِرْبَه ، وأخاه من الرضاع ، ونشأ معه ، ، مضت هذه الخادمة تشرح لسيدنا حمزة ما صنع أبا جهلٍ برسول الله ، واستمع هذا الصحابي الجليل لقولها جيداً ، ثم أطرق لحظةً ، ثم مد يمينه إلى قوسه فثبَّتها فوق كتفه ، ثم انطلق في خطىً سريعة حازماً صوب الكعبة ، وفي هدوءٍ رهيب تقدَّم حمزة من أبي جهلٍ ، ثم استلَّ قوسه ، وهوى به على رأس أبي جهل فشجه وأدماه ، وقبل أن يفيق الجالسون من الدهشة ، صاح حمزة في أبي جهل : أتشتم محمداً ، وأنا على دينه ، أقول ما يقول ، ألا فرد ذلك علي إن استطعت .
هذا الصحابي الجليل ، عم النبي عليه الصلاة والسلام ، أسلم في ساعة غضب ،
في هذه اللحظة التي لم يحتمل أن يصاب ابن أخيه بالأذى من قبل أبي جهل ، أعلن إسلامه صراحةً ، وانتهى الأمر .
لكن بعد أن أسلم شعر أن هذا الدين فيه التزامات ، وأنه ترك دين آبائه ، هذه فطرة بالإنسان ، لأن الإنسان يكره ترك ما ألفه
وفي البيت وقع في صراعٍ مع نفسه ؛ ترك دين آبائه ، لم يألف هذا ، لم يعرف ما الإسلام، ما حقيقته ، وغير ذلك ، هذا الصراع والأخذ والرد، والتمزق الداخلي ، ألجأه إلى أن يطوف حول الكعبة وأن يستخير الله عزَّ وجل ، يروي ويقول : ثم أدركني الندم ـ على هذا الإسلام ـ على فراق دين آبائي وقومي ، وبت من الشك في أمرٍ عظيم لا أكتحل بنوم ـ ما عاد نام ـ ثم أتيت الكعبة ، وتضرَّعت إلى الله تعالى أن يشرح صدري للحق ، ويذهب عني الريب ، فاستجاب الله لي وملأ قلبي يقيناً ـ لأنه طالب حق وصادق ـ وغدوت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأخبرته بما كان من أمري ، فدعا الله أن يثبِّت قلبي على دينه "