وها قد عاد الليل ... محملاً بغبار الطلع ... ورائحة الأحجار في حينا الشعبي ... وغرفتي التي لطالما حلمت بها في أيامي الماضية ... وشمعة أشعلت لتضيء عتم الليل ... يعقبها ضوء خافت في حارة تعصف في جنباتها الريح
هذه ذكرياتي التي دونها الزمان .... ونسي أن يمحي جزأً كبيرً منها ... تغير عندي اليوم لون السماء ... ولون الشمس ... حتى لون المياه أصبح مختلفاً ... ربما لأن السماء في زماننا كانت زرقاء .. وقد كان هذا اللون يرمز بطريقة ما إلى الصفاء ... أما الآن ... أراها بلونها الأزرق الجديد .. أزرق يرمز فقط إلى الجمود
الشمس في زماننا كانت تحمل لون الذهب ... وعند رؤيتها كنا نحس طعم الحياة قد تغير .. ونستعد لأستقبال يوم جديد من السعادة ... واليوم ... أرى أن لونها قد مال إلى الشحوب ... فربت أشعتها بخيوط لا لون لها
هذا ما تبقى من بلادي ... رائحة تبغ تفوح من أفواه سائقي مركبات النقل ... تختلط مع رائحة الدخان المنبثقة من سياراتهم ... الجو أصبح محملاً بعواطف فاترة لم تعرفها قبل هذا حارات دمشق ... ولم تعهدها قبل هذا جدران البيوت العتيقة
أتخيله الآن .. بيت عربي تدخله فئران تتدارى من حر الشمس ... وفتاة تجلس في ساحة البيت .. تحمل مقشة .. وجردل ماء تسقي به ما تبرعم من زهر الربيع ... وأعقاب سجائر مرمية على قارعة الطريق ... ضوء خافت ينبعث مع شقشقة الصبح ... يدخل من نافذة مكسورة في غرفة رجل لم يعرف طعم الشقاء من قبل ... يستيقظ ليرى زوجته المخلصة تربت بأناملها على خصلات شعره ... وتصحب مع ابتسامتها فنجان قهوة رئحتها تدهب القلوب ... أصوات أطفال يتراكضون في الشارع ... ودكان يرش صاحبه برذاذ الماء على قارعة الطريق ليمحو بها أخر بوادر نعاسه ويصحو معها ليستقبل شمس يوم جديد
بعيد أنا عن شمس بلادي ... تعبق في أنفساسي رائحة الصباح فيها ... تمحو كل همومي وتبدلها بمعطف من الحنان الدمشقي .... ها هي حبيبتي جالسة على شباك بيتها تنتظر قدومي لأصحبها بجولة بين أوراق الخريف .. وها هي أمي ترتقب جلوسي بجانبها لتحكي لي عن صور أجدادي و ما تفرق لديها من ذكريات كانت تعيش بها كما تعيش اليوم بداخلي
ومدرستي التي لم يكن على جدرانها سوى خرابيش أطفال لم تكن تدري ما سوف يقابلها في جولة الأيام , وعلى اللوح الأخضر امتلأت أعقاب الطباشير بألوان كانت تعني لنا أشياء كثيرة ... وتبشرنا بمستقبل مشرق ... لم نرى منه سوى أشراقة شمس بهت لونها ... وتحولت خيوطها إلى سيوف .... وأشعتها إلى نيران
تدور الدنيا بنا ... تحركنا كألعاب الأطفال ... يلعب بها من يمسكها كيفما يشاء .. دونما أدنى مقاومة منها .. وفي نهاية المطاف ..يكسر فيها ضلع أو رجل فتصبح القمامة مثواها الأخير ... زمن عرفت فيه أصنافاً من البشر لم أعهدها من قبل ... وألوانا ولهجات لم تكتب في دفتر مذكراتي من قبل ... ومشاهد في شاشة لم تكن تُرى في سابق أيامي من قبل
قد تسألونني لماذا أرجع بذاكرتي إلى أشياء قد ماتت منذ أعوام ... ولم تعد حتى تُذكر في قصصنا ورواياتنا ... أنا نفسي لا أعرف ما السبب ... ولكنني أدرك فقط أن شوقي إلى حبيبتي حرك في داخلي ما كان قد تراكم من سنين .. وذكرني بكل أيامي الجميلة في حارات دمشق
فعيناها تذكرانني بصفاء لون السماء .. وضحكتها تذكرني بجمال شمس الصباح ... وشعرها المسترسل كشلال يردني إلى براعم الياسمين ... ورائحة عطرها تفوح في انفساسي كعبق جدران بيتي القديم ... وثوبها المتناثر على أطرافها يأخذني إلى صباي ويذكرني بحنان أمي ... ويرميني من فوق السحاب ... لتستقبلني ذراعاها بتؤدة واهتمام
حبيبتي .... أذكركي الآن كما لم أذكرك من قبل ... مع أنني أكن لم لأنساكي... ولكنني أذكرك الآن محملة برائحة أوراق الخريف ... ناثرة بقدميك أزهار الربيع ... متسابقة مع رياح الشمال .. ضاحكة كطفلة عابثة حمقاء .. ضحكتها الطفولية تأخذني إلى عالم لم أعهده من قبل ... تحكي لي قصة الأميرة الحسناء والفارس ... لأنام وأنا أحلم بك يا أميرتي الحسناء ... تجلسين بقربي .. تشعلين السماء ... وتنيرين ما بين أقطار الأرض ... وتسحبين برقتك ما بقي لدي من اعياء ...لأسهر بقربك ليالٍِ طويلة ... أحدق فيها بعينيك الواسعتين ... وأنسى كل هموم الأرض ... أحبك
هذه ذكرياتي التي دونها الزمان .... ونسي أن يمحي جزأً كبيرً منها ... تغير عندي اليوم لون السماء ... ولون الشمس ... حتى لون المياه أصبح مختلفاً ... ربما لأن السماء في زماننا كانت زرقاء .. وقد كان هذا اللون يرمز بطريقة ما إلى الصفاء ... أما الآن ... أراها بلونها الأزرق الجديد .. أزرق يرمز فقط إلى الجمود
الشمس في زماننا كانت تحمل لون الذهب ... وعند رؤيتها كنا نحس طعم الحياة قد تغير .. ونستعد لأستقبال يوم جديد من السعادة ... واليوم ... أرى أن لونها قد مال إلى الشحوب ... فربت أشعتها بخيوط لا لون لها
هذا ما تبقى من بلادي ... رائحة تبغ تفوح من أفواه سائقي مركبات النقل ... تختلط مع رائحة الدخان المنبثقة من سياراتهم ... الجو أصبح محملاً بعواطف فاترة لم تعرفها قبل هذا حارات دمشق ... ولم تعهدها قبل هذا جدران البيوت العتيقة
أتخيله الآن .. بيت عربي تدخله فئران تتدارى من حر الشمس ... وفتاة تجلس في ساحة البيت .. تحمل مقشة .. وجردل ماء تسقي به ما تبرعم من زهر الربيع ... وأعقاب سجائر مرمية على قارعة الطريق ... ضوء خافت ينبعث مع شقشقة الصبح ... يدخل من نافذة مكسورة في غرفة رجل لم يعرف طعم الشقاء من قبل ... يستيقظ ليرى زوجته المخلصة تربت بأناملها على خصلات شعره ... وتصحب مع ابتسامتها فنجان قهوة رئحتها تدهب القلوب ... أصوات أطفال يتراكضون في الشارع ... ودكان يرش صاحبه برذاذ الماء على قارعة الطريق ليمحو بها أخر بوادر نعاسه ويصحو معها ليستقبل شمس يوم جديد
بعيد أنا عن شمس بلادي ... تعبق في أنفساسي رائحة الصباح فيها ... تمحو كل همومي وتبدلها بمعطف من الحنان الدمشقي .... ها هي حبيبتي جالسة على شباك بيتها تنتظر قدومي لأصحبها بجولة بين أوراق الخريف .. وها هي أمي ترتقب جلوسي بجانبها لتحكي لي عن صور أجدادي و ما تفرق لديها من ذكريات كانت تعيش بها كما تعيش اليوم بداخلي
ومدرستي التي لم يكن على جدرانها سوى خرابيش أطفال لم تكن تدري ما سوف يقابلها في جولة الأيام , وعلى اللوح الأخضر امتلأت أعقاب الطباشير بألوان كانت تعني لنا أشياء كثيرة ... وتبشرنا بمستقبل مشرق ... لم نرى منه سوى أشراقة شمس بهت لونها ... وتحولت خيوطها إلى سيوف .... وأشعتها إلى نيران
تدور الدنيا بنا ... تحركنا كألعاب الأطفال ... يلعب بها من يمسكها كيفما يشاء .. دونما أدنى مقاومة منها .. وفي نهاية المطاف ..يكسر فيها ضلع أو رجل فتصبح القمامة مثواها الأخير ... زمن عرفت فيه أصنافاً من البشر لم أعهدها من قبل ... وألوانا ولهجات لم تكتب في دفتر مذكراتي من قبل ... ومشاهد في شاشة لم تكن تُرى في سابق أيامي من قبل
قد تسألونني لماذا أرجع بذاكرتي إلى أشياء قد ماتت منذ أعوام ... ولم تعد حتى تُذكر في قصصنا ورواياتنا ... أنا نفسي لا أعرف ما السبب ... ولكنني أدرك فقط أن شوقي إلى حبيبتي حرك في داخلي ما كان قد تراكم من سنين .. وذكرني بكل أيامي الجميلة في حارات دمشق
فعيناها تذكرانني بصفاء لون السماء .. وضحكتها تذكرني بجمال شمس الصباح ... وشعرها المسترسل كشلال يردني إلى براعم الياسمين ... ورائحة عطرها تفوح في انفساسي كعبق جدران بيتي القديم ... وثوبها المتناثر على أطرافها يأخذني إلى صباي ويذكرني بحنان أمي ... ويرميني من فوق السحاب ... لتستقبلني ذراعاها بتؤدة واهتمام
حبيبتي .... أذكركي الآن كما لم أذكرك من قبل ... مع أنني أكن لم لأنساكي... ولكنني أذكرك الآن محملة برائحة أوراق الخريف ... ناثرة بقدميك أزهار الربيع ... متسابقة مع رياح الشمال .. ضاحكة كطفلة عابثة حمقاء .. ضحكتها الطفولية تأخذني إلى عالم لم أعهده من قبل ... تحكي لي قصة الأميرة الحسناء والفارس ... لأنام وأنا أحلم بك يا أميرتي الحسناء ... تجلسين بقربي .. تشعلين السماء ... وتنيرين ما بين أقطار الأرض ... وتسحبين برقتك ما بقي لدي من اعياء ...لأسهر بقربك ليالٍِ طويلة ... أحدق فيها بعينيك الواسعتين ... وأنسى كل هموم الأرض ... أحبك